-->
كنز المعرفة كنز المعرفة
random

مواضيع مميزة

random
random
جاري التحميل ...
random

الثقب الأسود



منذ القرن السابع الميلادي لم يكن أحد على وجه الأرض يتصور أن في السماء نجوماً تجري وتكنسُ وتجذب إليها كل ما تصادفه في طريقها، ولم يكن أحد يتوقع وجود هذه النجوم مع العلم أنها لا تُرى أبداً، ولكن القرآن العظيم كتاب رب العالمين حدثنا عن هذه المخلوقات بدقة علمية مذهلة، وبالتالي نستنتج أن القرآن يسبق العلماء في الحديث عن الحقائق الكونية، وأن هذه المخلوقات ما هي إلا آية تشهد على قدرة الخالق في كونه، وهذا يدل على أن القرآن كتاب الله تعالى وليس كتاب بشر، يقول تعالى عن كتابه المجيد: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82]. 

يفسر بعض العلماء المسلمين ، ما جاء في سورة التكوير ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ*الْجَوَارِ الْكُنَّسِ*﴾  بأنها تشير إلى الثقب الأسود، وهنا حقيقة علمية وهي أن الثقوب السوداء تسير وتجري وتكنس كل ما تصادفه في طريقها، وقد جاء في الدراسات حديثاً عن الثقوب السوداء ما نصه: "إن الثقوب السوداء تتميز بقوة جاذبية هائلة تعمل مثل
مكنسة كونية لا تُرى، عندما تتحرك تبتلع كل ما تصادفه في طريقها، حتى الضوء لا يستطيع الهروب منها". وفي هذه الجملة نجد أنه قد اختصرت حقيقة هذه الثقوب في ثلاثة أشياء:  هذه الأجسام لا تُرى.  جاذبيتها فائقة تعمل مثل المكنسة.  تسير وتتحرك باستمرار.وقد اختصر القرآن كل ما قاله العلماء عن الثقوب السوداء بثلاث كلمات فقط حيث يقول القرآن: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ*الْجَوَارِ الْكُنَّسِ*﴾ وأيضاً (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) [البقرة: 19]، فهل يوجد في الصيب ظلام ورعد وبرق؟ نفهم من الآية وجود سحاب في السماء يحوي في داخله الظلمات والبرق والرعد،ولقد أقسم الله فقال: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ)إن أصل معنى كلمة الطرق كما جاء في لسان العرب وغيره من قواميس اللغة هو الضرب ومنه سميت المطرقة.إن الثقوب السوداء الهائلة التي تبتلع كميات كبيرة من المادة تطرق الكون طرقاً مادياً حقيقياً حيث أن جزء من المادة التي توشك أن تسقط في الثقب يتم إعادة إطلاقها على هيئة دفق هائل (Jet) من البلازما المكونة من جسيمات ذرية مثل الالكترونات والبوزترونات والبروتونات والتي تنطلق بسرعة قريبة من سرعة الضوء في اتجاهين متعاكسين على امتداد محور الثقب الأسود ويضرب هذا الدفق المادي كل مايوجد في طريقه بقوة وعنف ولمسافات كبيرة جدا.

الثقب الأسود 

 البداية الفعلية لظهور مصطلح الثقب الأسود في الفيزياء على يد العالم الألماني كارل شوارزجلد عام 1916 عند دراسته للنظرية النسبية حيث كانت النظرية النسبية قد
حطمت المنطق الفيزيائي القديم.ومنذ عام 1790 اقترح الانكليزي جون ميشيل والفرنسي بيير سايمون وجود نجوم مخفية في السماء، ثم في عام 1915 توقعت نظرية النسبية العامة لآينشتاين وجود هذه الأجسام في الفضاء وأثرها على الزمان والمكان، وأخيراً في عام 1967 تحدث الأمريكي جون ولير عن الثقوب السوداء كنتيجة لانهيار النجوم. في عام 1994 أثبت العلماء بواسطة مرصد هابل وجود جسم غير مرئي في مركز المجرة M87 ويلتف حوله الغاز في دوامة واضحة، وقد قدروا وزن هذا الجسم بثلاثة آلاف مليون ضعف وزن الشمس! ثم توالت الأدلة على وجود هذه الأجسام بواسطة الأشعة السينية
والثقب الأسود هو منطقة في الفضاء تحوي كتلة كبيرة في حجم صغير يسمى بالحجم الحرج لهذه الكتلة، والذي عند الوصول إليه تبدأ المادة بالانضغاط تحت تأثير جاذبيتها الخاصة، ويحدث فيها انهيار من نوع خاص بفعل الجاذبية ينتج عن القوة العكسية للانفجار، حيث أن هذه القوة تضغط النجم وتجعله صغيرًا جدًا وذا جاذبية قوية خارقة. وتزداد كثافة الجسم (نتيجة تداخل جسيمات ذراته وانعدام الفراغ البيني بين الجزيئات)، تصبح قوّة جاذبيته قوّية إلى درجة تجذب أي جسم يمر بالقرب منه، مهما بلغت سرعته. وبالتالي يزداد كمّ المادة الموجودة في الثقب الأسود، وبحسب النظرية النسبية العامة لأينشتاين، فإن الجاذبية تقوّس الفضاء الذي يسير الضوء فيه بشكل مستقيم بالنسبة للفراغ، وهذا يعني أن الضوء ينحرف تحت تأثير الجاذبية.
في النسبية يعرف الثقب الأسود بصورة أدق على أنه منطقة من الزمكان تمنع فيها جاذبيته كل شيء من الإفلات بما في ذلك الضوء.
يمتص الثقب الأسود الضوء المار بجانبه بفعل الجاذبية، وهو يبدو لمن يراقبه من

الخارج كأنه منطقة من العدم، إذ لا يمكن لأي إشارة أو موجة أو جسيم الإفلات من منطقة تأثيره فيبدو بذلك أسود. أمكن التعرف على الثقوب السوداء عن طريق مراقبة بعض الأشعاعات السينية التي تنطلق من المواد عند تحطم جزيئاتها نتيجة اقترابها من مجال جاذبية الثقب الأسود وسقوطها في هاويته.
لتتحول الكرة الأرضية إلى ثقب أسود، يستدعي ذلك تحولها إلى كرة نصف قطرها 0.9 سم وكتلتها نفس كتلة الأرض الحالية، بمعنى انضغاط مادتها لجعلها بلا فراغات بينية في ذراتها وبين جسيمات نوى ذراتها، مما يجعلها صغيرة ككرة الطاولة في الحجم ووزنها الهائل يبقى على ما هو عليه، حيث أن الفراغات الهائلة بين الجسيمات الذرية نسبة لحجمها الصغير يحكمها قوانين فيزيائية لا يمكن تجاوزها أو تحطيمها في الظروف العادية.

حجم الثقوب السوداء وأدلة وجودها
في عام 1970 م بين "براندون كارتر " أن حجم وشكل أي ثقب أسود ثابت الدوران يتوقف فقط على كتلة ومعدل دورانه بشرط يكون له محور تناظر، وبعد فترة أثبت ستيفن هوكنغ أن أي ثقب أسود ذى دوران ثابت سوف يكون له محور تناظر. واستخدم "رو بنسون " هذه النتائج ليثبت أنه بعد انسحاق الجاذبية بان الثقب الأسود من الاستقرار على وضع يكون دوارا ولكن ليس نابضا، وأيضا حجمه وشكله يتوقفان على كتلته ومعدل دورانه دون الجسم الذي انسحق ليكونه.

ما الأدلة على وجود هذه الثقوب؟

الثقوب السوداء لا دليل عليها سوى حسابات مبنية على النسبية لذلك كان هناك من لم يصدق بها. وفي عام 1963 م، رصد "مارتن سميدت " وهو عالم فلكي أمريكي الانزياح نحو الأحمر في طيف جسم باهت يشبه النجم في اتجاه مصدر موجات الراديو
فوجد أنة أكبر من كونه ناتج عن حقل جاذبية فلو كان انزياحه بالجاذبية نحو الأحمر لكان الجسم كبير الكتلة وقريبا منا بحيث تنزاح مدرات الكواكب في النظام الشمسي. وهذا الانزياح نحو الأحمر ناتج عن توسع الكون وهذا يعني بدوره أن الجسم بعيداً جدا عنا ولكي يرى على هذه المسافة الكبيرة لابد وأنه يبث مقدار هائلاً من الطاقة والتفسير الوحيد لهذا ناتج انسحاق بالجاذبية ليس لنجم واحد بل لمنطقة مركزية من إحدى المجرات بكاملها وتسمى الكوازار وتعني شبيه النجوم.

 رصد الثقب الأسود

قد نفتش عن أشعة غاما التي تبثها الثقوب السوداء الأولية طوال حياتها مع إن إشعاعات معظمها سوف تكون ضعيفة بسبب بعدها عنا بعدا كبيرا، ولكن اكتشافها من الممكن. ومن خلال النظر إلي خلفية أشعة غاما لا نجد أي دليل على ثقوب سوداء أولية ولكنها تفيد بأنه لا يمكن تواجد أكثر من 300 منها في كل سنه ضوئية مكعبة من الكون. فلو كان تواجدها مثلا أكثر بمليون مرة من هذا العدد فإن أقرب ثقب أسود إلينا يبعد ألف مليون كيلومتر، وكي نشاهد ثقبا أسودا أوليا علينا أن نكشف عدة كمات من أشعة غاما صادرة في اتجاه واحد خلال مدى معقول من الزمن كأسبوع مثلا، ولكن نحتاج إلى جهاز استشعار كبير لأشعة غاما وأيضا يجب أن يكون في الفضاء الخارجي لأن الغلاف الجوي للأرض يمتص قدرا كبيرا من أشعة غاما الآتية من خارج الأرض.. إن أكبر مكشاف أشعة غاما يمكنه التقاطها وتحديد نقطة الثقوب السوداء موجود لدينا هو الطبقة الهوائية للأرض بكاملها. فعندما يصطدم كم عالي من الطاقة من أشعة غاما بذرات جو الأرض يـُولد أزواجا من الإلكترونات والبوزيترونات (نقيض الإلكترون) ونحصل على وابل من الإلكترونات السريعة التي تـُشع ضوءاً يدعى إشعاع شيرنكوف. إن فكرة إشعاع الثقوب السوداء هي من أمثلة التنبؤ الفيزيائي المبني على النظريتين الكبيرتين المـُكتشفتان في هذا القرن : النظرية النسبية العامة وميكانيكا الكم. وهذه أول إشارة إلى أن ميكانيكا الكم قادرة على حل بعض التفردات الثقالية التي تنبأت بها النسبية العامة. وعلى الرغم من عدم تمكننا من رؤية أو تصوير الثقوب السوداء، فهناك سبل لمعرفة مكانها. وقد استطاع العلماء الالمان في السنوات القليلة الماضية اكتشاف حقيقة تواجد أحد تلك الثقوب السوداء في مركز المجرة. بالطبع لم يروه رؤية مباشرة، ولكنهم دئبوا على مراقبة حركة نجم كبير قريب من مركز المجرة لمدة سنوات عديدة، ويدور هذا النجم في مدار حول مركز خفي.
وعلى أساس معرفة كتلة النجم ونصف قطر فلكه، استطاع العلماء استنتاج وجود الثقب الأسود في مجرتنا وحساب كتلته التي تبلغ نحو 2 مليون ضعف لكتلة الشمس

هل يمكن رؤية الثقب الأسود؟

ينشأ الثقب الأسود عندما ينتهي عمر أحد النجوم البالغة الكبر (حجما) وينتهي وقوده، فينفجر وينهار على نفسه. ويتحول النجم من سحابة كبيرة عظيمة إلى تجمع صغير محدود جدا للمادة المكثفة. وتعمل ذلك التجمع المادي المركز على جذب كل ما حولها
من جسيمات أو أي مادة أخرى. وحتى فوتونات الضوء لا تفلت منه بسبب جاذبيته الخارقة، فالثقب الأسود لا ينبعث منه ضوء.
ولكن كل ما ينجذب وينهار على الثقب الأسود يكتسب سرعات عالية جدا وترتفع درجة حرارتها. وتستطيع التلسكوبات الكبيرة على الأرض رؤية تلك الدوامات الشديدة الحرارة. أي أن الثقب الأسود يفصح عن نفسه بواسطة شهيته وجشعه لالتقاط كل مادة حوله. ولا يتعين علينا أن نخاف لأن الفلكيين لم يجدوا أي ثقب اسود بالقرب من المجموعة الشمسية.

لماذا لا تُرى؟

إن سرعة الهروب هي السرعة اللازمة للجسم لكي ينفلت من حقل الجاذبية المحيط به، وفي أرضنا نجد أن أي جسم حتى يتمكن من الخروج من نطاق الجاذبية الأرضية يجب أن يُقذف بسرعة أكبر من 11.2 كيلو متراً في الثانية الواحدة. وفي حالة الثقب الأسود تكون سرعة الهروب عالية جداً ولا يمكن لأي جسم تحقيقها، حتى الضوء الذي يتحرك بسرعة 300 ألف كيلو متر في الثانية لا يستطيع الهروب من جاذبية الثقب الأسود لأن سرعته غير كافيه لذلك!! وهذا ما يجعل الثقب الأسود مختفياً لا يُرى.
ولكي ندرك عظمة هذه النجوم الخانسة، تخيل أنك رميت حجراً وأنت تقف على الأرض سوف يرتد هذا الحجر عائداً بفعل جاذبية الأرض، ولكن إذا زادت سرعة هذا الحجر حتى تصل إلى 11.2 كيلو متراً في الثانية سوف يخرج خارج الغلاف الجوي ويفلت
من جاذبية الأرض. بالنسبة للقمر سرعة الهروب فقط 2.4 كيلو متر في الثانية لأن جاذبيته أقل. الآن تصور أن سرعة الهروب على سطح الثقب الأسود تزيد على سرعة الضوء، أي أكثر من 300 ألف كيلو متراً في الثانية، وبالتالي حتى الضوء لا يستطيع المغادرة، ولذلك فإن الثقب الأسود مظلم لا يُرى أبداً.
ولكي نتخيل عظمة هذه المخلوقات فإن أحد العلماء أجرى قياساً لوزن الثقب الأسود فوجد أن ملعقة من الشاي لو قمنا بأخذ حفنة قليلة من هذا الثقب الأسود بحجم ملعقة الشاي سيكون وزنها أكثر من أربع مئة ألف مليون طن ، كذلك وجد العلماء ثقوباً سوداء كتلتها أكبر بعشرة آلاف مرة من كتلة الشمس، وقد تصل كتلة الثقب الأسود إلى أكثر من ألف مليون كتلة الشمس!

الثقوب السوداء، هذه الأجسام العالية الكثافة جدا التي تنبأ بها أينشتاين، غالبا ما توصف على أنها من المفترسات الشرهة الشرسة التي تقوم قوة جاذبيتها الكبرى بالعمل كغشاء باتجاه واحد، مما يعني ابتلاعها كل شيء حولها أو قربها، حتى الضوء، من دون أن يتسرب أي شيء منها.
ويبدو أخيرا أن الفرصة الأولى قد حانت للعلماء الفلكيين لمشاهدة ثقب أسود عملاق يقوم بابتلاع واستهلاك جرم كوني.. وهو أشبه بتناول وجبة خفيفة!
رصدت سحابة غازية تندفع بسرعة نحو مركز مجرة درب التبانة، وكان من المتوقع أن تتصادم مع برج القوس «إيه»، الذي هو ثقب أسود يقع على مسافة 26 ألف سنة ضوئية من الأرض. وطبعا فإن الحدث هذا حصل قبل 26 ألف سنة.
وكانت السحابة هذه ضخمة جدا تصل كتلتها إلى ثلاثة أضعاف كتلة الأرض، لكنها ليست ندا للثقب الأسود الذي له كتلة تبلغ 4 ملايين كتلة الشمس.






المصدر 1 2 3 4 5 6 7
  1. موضوع جيد وشامل قد أكون قرأت عن الثقب الأسود قبل ذلك ولكن ليس بهذ الشمول

    ردحذف

التعليقات



تابعونا على تويتر

تابعونا على الفيس بوك

جميع الحقوق محفوظة

كنز المعرفة

2016 | Development by sayed yassin