قبيلة الدينكا هي مجموعة عرقية في جنوب السودان. موطنها الأصلي يتوزع بين منطقة بحر الغزال, وولاية جونقلي ومناطق من ولاية جنوب كردفان وولاية أعالي النيل.
يشتغل غالبية الدينكا بالرعي والزراعة, حيث يعتمدون على رعي قطعان الماشية في مراع قريبة من الأنهار خلال موسم الجفاف. وفي موسم الأمطار يقومون بزراعة الدخن وأنواع مختلفة من الحبوب. يبلغ تعدادهم حوالي 1.5 مليون نسمة, اي 4% تقريبا من مجمل سكان البلاد. وهي أكبر مجموعة عرقية في جنوب السودان.
تنحدر قبيلة الدينكا من فروع الشعوب النيلية وتتحدث باللغات النيلية وهم من أكثر الأفارقة سمرة وطولا.
لا يملك الدينكاويون سلطة تنفيذية مركزية. عوضا عن ذلك أسسوا نظما عشائرية مستقلة, ومترابطة في الوقت ذاته. وعلى رأس كل قبيلة قائد أو سلطان يسمى (بيني).
تسمى لغتهم بالدينكاوية أو (تونقيانق) "بادغام النون والقاف" ومعناها (الناس) أو (القوم). وتتفرع من اللغات (لغات نيلية صحراوية) وتكتب بالأبجدية اللاتينية مع بعض الإضافات.
أصل الدينكا
ترجع الأساطير أصل الدينكا إلي ( قرنق ) الذي له ولدان هما : ( دينق ) و ( أبيدنق ) حيث يستبشرون بدينق ويعزون له الخير والمطر , وهو أصل القبيلة التي تفرعت بطون . وهناك أسطورة أخري تقول : إن جد الدينكا يسمي ( دينج دين ) وتعني بلغة القبيلة : ( ربنا الكبير ) – زعموا أنه في زمن من الأزمان السحيقة , تلبدت السماء بغيوم كثيفة ولمعان برق , وقصف رعد , وعم ظلام دامس , فانهمرت أمطار غزيرة , وفي لحظة معينة , لمع برق مضي بدد كل الظلمات مصحوبا بصوت وكلام مع انهمار الأمطار والغزيرة , فانزلق من خلال المشهد فتاة ممشوقة القوام , فارعة جميلة ضامرة الحشا , اسمها ( ألوت وتعني الكلمة في لغة الدينكا بنت الغيم أو الغمام , أو بنت الرذاذ , فولدت ولدا صغيرا بأسنان تامة ثم قالت للخلق من حولها : هذا الولد جاء معي من السماء , وإذا أردتم أن يتكلم , أحضروا ثيرانا بيضاء فاذبحوها التماسا للكرامة وسط جمع غفير من الناس , سيتكلم كما تحبون , وعندما ذبحوا الذبائح , كما أشارت عليهم المرأة القادمة من السماء , وأقيمت الشعائر انهمرت أمطار غزيرة ثانية لتصعد عبرها ألوت إلي السموات العلي , وتترك الولد المعجزة ( دينج دين ) يكلم الناس ويأمرهم بأن يجعل كل فرد منهم , ممن يملكون الأبقار عددا منها وقفا عليه تحمل اسم ( دينج دين ) يحرم التصرف فيها بالبيع والشراء , لكن يجوز الاستفادة من ألبانها ولحومها أو ذبحها في مواسم الأعياد , أو نزول المطر وجني محصول الذرة .المعتقدات الدينية والثقافية
ينعكس نمط معيشة الدينكا على معتقداتهم وممارساتهم الدينية. ويؤمنون باله واحد يدعى (نيال) أو (نياليك) يعتقدون بان روحه تتقمص الأفراد ليتحدث من خلالهم. تهيمن حاليا الديانة المسيحية على ثقافة الدينكا, حيث انتشرت ابان الانتداب البريطاني للمنطقة في القرن التاسع عشر, وفي فترة الحرب الأهلية.الاستراتيجيات الرعوية
يوصف جنوب السودان بانه (حوض واسع ينحدر بسلاسة باتجه الشمال) وتمر خلاله كل من انهار بحر الجبل, النيل الأبيض, نهر بحر الغزال بروافده ونهر السوباط. وتلتقي هذه الأنهر لتشكل سدا ضخما من المستنقعات.يقع جزء كبير من مكامن النفط في الجنوب والشرق ضمن منطقة سهل الفيضانات. وهو حوض كبير تصب فيه الأنهار النابعة من الكونغو, أوغندة, كينيا، وإثيوبيا. والتي تنحدر من صفيحة حجرية-حديدية تطوق اجزاء من بحر الغزال واعالي النيل.
قبيلة الدينكا الزنجية التي تعتبر القبيلة الأكبر عدداً في دولة جنوب السودان تشتهر برعي الأبقار . وقد ذهب إليهم مصوران غربيان هما "كارول بيكوث" و"أنجيلا فيشر"، لتوثيق جانب من نشاط هذه القبيلة الأفريقية المتعلق برعاية الأبقار . فجاءت هذه الصور الفريدة..... وحيث نلاحظ أن العُـري هو السمة السائدة لدى أفرادها .... ورغم أنف بيوت الأزياء الإيطالية ؛ ومصانع لانكشير البريطانية.
طبيعة بلاد الدينكا
تمتاز مناطق بلاد الدينكا بأراضيها المنبسطة ومستنقعاتها الكبيرة التي تمتلئ مياها في أيام الخريف , إلي حد أن في جهات ( بور ) و ( شامي ) يضطر السكان إلي رفع منازلهم عن سطح الأرض بعمد من الخشب لتراكم مياه الأمطار تحتها , أما علي ضفة النيل الشرقية تجاه بور , فان الأرض معشوشبة , وفيها كثير من الخيرات , وأما جنوبها فتغطيه غابات كثيفة تتجمع فيها كل الحيوانات صيفا , مما يجعل هذا الوقت موسما للصيد وتتشقق هذه الأراضي الخضراء في الصيف , فتتكون من تلك الشقوق فجوات واسعة تعوق سير المارة من الإنس والحيوان , لكن تربتها خصبة تصلح لزراعة القطن .أما شمال غرب بور وشامي , فتقع الأراضي الخاضعة للدينكا في بحر الغزال , إلي حدود بحر العرب , وهي أيضا عبارة عن سهول منبسطة تتخللها غابات كثيفة , وأعشاب كثيرة تعبر ها مجاري المياه التي تكون أنهر عديدة وعلي امتداد هذه الناحية تنتشر الغابات الواسعة ذات الأشجار الكبيرة كالمهوجني والجوقان , وأبي السرج والحرازة وغيرها .
الزواج
عندما يحب شاب فتاة من بنات قبيلة الدينكا في جنوب السودان، فإنه يقوم بكل ما هو ممكن وغير ممكن للحصول عليها، أو هكذا يفهم الطقس الذي يمارس في القبيلة ويسمى الرواك.والرواك هو أن يختطف الشاب حبيبته ويقتادها إلى مكان غير معلوم بالنسبة لأهلها وذويها، إلى أن تشارف على وضع الطفل الأول ثم يحضرها لإتمام مراسم الزواج.
ويتألف زواج قبائل الدينكا من عدة مراحل، أهمها المهر. ويعتبر المهر دستورا اجتماعيا ثابتا إذ يتقرر حسب المكانة الاجتماعية للفتاة وطول قامتها ووزنها وسمرتها، ويدفع على شكل أبقار اشتهرت قبائل الدينكا بامتلاكها لنوعيتها الممتازة.
ويتراوح المهر ما بين 70 إلى 200 بقرة، وحسب المعايير التي تتصف بها الفتاة.
وما زالت عادة الرواك موجودة على الرغم من غرابتها، وتشكل جزءا من نسيج القبيلة.
وهناك ترتيبات لتنفيذ الطقس بعد إحضار الفتاة التي تنوي الزواج، ولكن، وحتى بعد أن يحدد مهرها ليس من الضروري دفعه مرة واحدة بل يتم تقسيطه. لكن المهر لا يسقط أبدا حتى لو توفي الزوجان.
وفي هذا الإطار، قال الباحث والكاتب الصحافي أم بدي الكباشي "في ما يتعلق بظاهرة السياق، وهو المال الذي يدفع كمهر للبنت في قبائل الدينكا في أبيي تحديدا، أنه مثلا يتم التفاوض عليه حسب المقاسات المحددة أحيانا الطول يلعب دورا فكلما كانت الفتاة طويلة كلما كان عدد الأبقار المدفوع فيها أكبر وكلما كانت أقصر كلما قل عدد الأبقار".
وأضاف "كذلك بنات المسؤولين مثلا في العمد والسلاطين فالأبقار التي تساق إليهن يكون عددها أكبر من المجتمع العادي".
وقال إنه لتسهيل الزواج لا يقدم المهر دفعة واحدة بل على مراحل، مشيرا إلى أنه أحيانا إذا توفي الزوج يكون أولاده مطالبين بإتمام المهر المستحق على والدهم. فهو عهد لا بد أن يكتمل، كما قال.
و"إذا أنجبت الزوجة وكان مولودها الأول ولدا فإن جزءا من المهر يرجع باعتبار أن صاحب المال قد وصل، أما إذا أنجبت بنتا فلا يرجع من المال شيئا".
الولادة
تضع المرأة الدينكاوية طفلها الأول في منزل والدها , وتبقي فيه إلي أن يفطم بعد عامين , ومن ثم تعود إلي منزل زوجها وتترك طفلها عند جدته , وعند حضور الأب لرؤية ابنه تقوم الزوجة بنحر شاة إكراما له , ولا يسمي الطفل فور ولادته , بل يتم ذلك بعد عدة أشهر تصل إلي السبعة , ويبرر ذلك بأنه لا يدرك اسمه في الأيام الأولي من ولادته , لذلك لا جدوى من الإسراع بالتسمية , والعادة أن يحمل المواليد أسماء مستمدة من الأسلاف , أو الأحداث التي تقع أثناء الولادة , أو الحيوانات , أو الطوطم الذي تنتمي إليه عائلة الطفل .
وبعد أن يشب الطفل يتم تلقينه شتي ضروب السلوك والخبرات , ومنذ السنوات الأولي يعمل الآباء والأقارب علي إقحام الطفل في العديد من المشاجرات مع أنداده , وذلك لإعداده للمرحلة القادمة من حياته , والتي تعتبر فترة متميزة بالنسبة له . ومثل هذه المشاجرات تستهدف تدريب الطفل علي القتال والمصارعة في سن مبكرة حتى يصبح من المقاتلين الأشداء الذين يعتمد عليهم في المهمات.
سبحان الله شعوب غريبة
ردحذف